مشروع قانون المساواة بين الرجل والمرأة في عقوبة الزنا يفجر جدلا فقهيا وقانونيا

«الشرق الأوسط» استطلعت رأي علماء الدين وخبراء القانون في هذه المواد التي اعتراها العوار القانوني ومدى ملاءمتها للعقوبة التي نصت عليها الشريعة الاسلامية.
ويرى الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر السابق وعضو مجمع البحوث الاسلامية في الأزهر ان نصوص الشريعة الاسلامية لا تفرق في عقوبة الزنا بين الرجل والمرأة لان الله سبحانه وتعالى قال «الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة».
وقال ان التفرقة بين الرجل والمرأة في حالة التلبس لاعتبار ان المرأة اذا باشرت علاقة جنسية مع غير زوجها فهي قطعا تكون زانية، أما بالنسبة للرجل فليس كذلك اذا وجدته زوجته مع امرأة أخرى يمارس معها علاقة جنسية فليس بالقطع انه يزني بها ولكنه قد يكون متزوجا منها وهي لا تعلم ذلك، مؤكدا ان عقوبة الزنا ليس من حق الزوج أو الزوجة ان يقيمها على الآخر وإنما الحاكم هو الذي يقيم هذه العقوبة واذا قتل أحدهما الآخر فمرده الى قانون الجنايات وللقاضي الذي يقرر العقوبة المناسبة لهذه الجناية.
أما الدكتور عبد العزيز فرج موسى استاذ الفقه والقانون في كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر بالقاهرة، فيؤكد ان التشريع الاسلامي واضح في مثل هذه الامور لان الشريعة الاسلامية وضعت ضوابط محددة لا يجوز مخالفتها بشأن التجريم والعقاب، فمن ناحية التجريم اشترطت الشريعة الاسلامية في جريمة الزنا بالنسبة للمرأة المتزوجة أو غير المتزوجة الشهادة البينة ويتكون نصابها من اربعة شهود وان يبديا شهادتهما على الرؤية المتحققة بالبصر وان تكون هذه الجريمة جريمة تامة، بمعنى ان تتم كما يأتي الرجل أهله.
وقال الدكتور عبد العزيز أما من ناحية العقاب فقد وضعت الشريعة الاسلامية عقوبة محددة شرعا يستوي فيها الذكر والانثى، المتزوج وغير المتزوج، وبالنسبة للمتزوجين تكون العقوبة الرجم ولغير المتزوجين الجلد مع مراعاة ضوابط التجريم من حيث النصاب ومن حيث الرؤية، فأي اتفاق أو رضا على مخالفة الشرع بشأن التجريم والعقاب لحد الزنا لا يتفق مع شرع الله تعالى سواء كان بالتخفيف أو بالتغليظ لقول الله تعالى «وتلك حدود الله فلا تعتدوها» أي فلا تنتهكوها، فالتعديل بالزيادة أو النقصان يعد تعديلا في شرع الله تعالى وهذا لا يجوز.
بينما يرى الدكتور اسامة السيد عبد السميع استاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر بدمنهور، انه بدلا من تعديل هذه العقوبات الخاصة بجريمة الزنا والتي حددها القانون للتصدي منذ عام 1937 ولم يستند الى نصوص الشريعة الاسلامية في وضع تشريع العقوبة المناسبة لجريمة الزنا يجب ان يطعن في هذه العقوبة لعدم دستوريتها لمخالفتها لاحكام الشريعة الاسلامية.
وقال الدكتور عبد السميع انني أرى تشديد عقوبة وضعية ولكن الأفضل اتباع الطريق الواضح الذي وضعه لنا الحق تبارك وتعالى وهو تطبيق الشريعة الاسلامية في ما يتعلق بجرائم الحدود مثل الزنا، ففي تطبيق شرع الله هداية ورحمة للمجتمع وبتر لهذا الفساد المستشري.
واضاف، ان الشريعة الاسلامية قد سوت في العقوبة بين الزوج والزوجة ومع تسويتها في هذه العقوبة فانها قد وضعت شروطا ان تحققت هذه الشروط وجبت العقوبة وإلا فلا، ومنها شهادة الشهود أو الاعتراف، فان كان محصنا عقوبته الرجم وان كان غير محصن فعقوبته الجلد ولذلك فان الحكمة الربانية قد جعلت ان يتم تنفيذ هذه العقوبات علنا لتكون عظة وعبرة للناس، قال تعالى «وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» وهذا يعني علانية تنفيذ الحكم.
وقالت الدكتورة فوزية عبد الستار استاذ القانون في جامعة القاهرة والرئيس السابق للجنة التشريع في البرلمان المصري: هذا النص المتعلق بعقوبة من يقتل زوجته ومن يزني بها اذا فاجأهما فقتلهما في الحال في حاجة الى إلغاء وليس الى تعديل، لان توقيع العقوبة أيا كانت هذه العقوبة من اختصاص ولي الأمر ولا يوقعها إلا هو ولا يباح لأحد الزوجين ان يقتل أحدهما الآخر اذا وجده في حالة تلبس بالزنا ثم لا بد ان تكون هناك بينة وشهود لان الشريعة الاسلامية لا تفرق في العقوبة من رجل وامرأة وإنما تفرق بين محصن وغير محصن.
واشار المستشار رشاد عبده الطهاوي المحامي بالنقض الى ان التشريع العقابي الحالي «قانون العقوبات» فيه مواد في ما يتعلق بجريمة الزنا سواء وقعت من الزوج أو الزوجة بها كثير من المفارقات، فبينما يعاقب القانون بالحبس لمدة سنتين للزوجة يعاقب الزوج بالحبس ستة أشهر، هذا من ناحية الكم، أما من ناحية المكان فالزوجة تعاقب بجريمة الزنا في مكان أمسك بها الزوج وهي تزني في حين لا يعاقب الزوج على جريمة الزنا إلا اذا كان على فراش الزوجية ومعنى هذا لو ان الزوج قد زنى في غير منزل الزوجية وزوجته أمسكت به متلبسا بجريمة الزنا فلا تستطيع تقديمه للمحاكمة حيث ان الجريمة قد تمت في غير منزل الزوجية.
أما من ناحية عنصر الاستفزاز فلو ان الزوج دخل ووجد زوجته متلبسة بجريمة زنا فقتلها هي وعشيقها يعاقب بالحبس مدة 3 سنوات، في حين ان الزوجة لو قتلت زوجها وعشيقته فانها تقدم للمحاكمة وتحاكم بارتكابها جريمة قتل ولا تستفيد من عنصر الاستفزاز. كذلك اذا وجد الأب ابنته أو الأخ وجد امه تزنى فقتلها فإنه يحاكم محاكمة عادية ولا يستفيد أيضا من عنصر الاستفزاز الذي يقتصر على الزوج فقط. أيضا يتضمن قانون العقوبات المصري انه اذا وجد الرجل زوجته تزنى مع رجل آخر واعترضهم فقام الرجل بقتل الزوج فليس عليه عقوبة لأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس وان الزوج الذي يقدم الشكوى قد مات وبالتالي فان الذي زنى وقتل يبرأ ولا يعاقب على أفعاله الشنيعة، وبالتالي لا بد من تطبيق نصوص الشريعة الاسلامية في هذه العقوبات حتى يرتدع كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم.

الف شكر ليك